أجهزة عرض جديدة.. بحجم الهاتف الجوال

لا تزال بحاجة إلى عمليات تطوير إضافية

التقنيات الجديدة تتبع دائرة محددة. فعندما تبرز إلى العلن فئة جديدة من الأجهزة مثل مسجلات الكاسيت الفيديوية، ومشغلات «إم بي3»، ودفاتر الإنترنت (نتبوك)، تكون الطرز الأولى منها «خشنة»، خامة، مرتفعة الثمن، وضعيفة القوة. وبعد أشهر قليلة تسارع الشركات إلى تخفيض أسعارها وتعزيز كفاءتها وتحسينها. وبعد مضي سنوات قليلة تتطور مثل هذه الأجهزة لتصل إلى شكلها النهائي، مع إضفاء القليل من التحسينات في السنوات اللاحقة.

وفي العام الماضي استغرب العالم وهو يشاهد الظهور الأولي لجهاز العرض «بيكو» pico projector وهو جهاز صغير بحجم الهاتف الجوال الذي يمكنه عرض الصور والفيديوهات وبيانات من برنامج العروض «باور بوينت» على شاشة أو جدار.. بالأحرى على جدار صغير لنكون دقيقين، بحيث تكون أكبر صورة معروضة بقياس أفقي أربعة إلى خمسة أقدام، وفي غرفة مظلمة أيضا.

* إمكانات متعددة

* ومع ذلك فإن الإمكانات متعددة، فخلال الرحلات الجوية تجد نفسك مرغما على مشاهدة الأفلام والفيديو على شاشة «آي بود» التي يبلغ قياسها ثلاث بوصات. لكن يمكن استخدام ظهر المقعد الذي أمامك، أو حتى سقف الطائرة كشاشة. وإذا كنت مخيما في إحدى الخيام يمكن مراجعة الصور التي التقطتها ذلك اليوم على جدار الخيمة. وحتى لو كنت في المصعد يمكن عرض بيانات «باور بوينت» للاطلاع عليها بشكل سريع. ولدى الاستلقاء على سرير يمكن إطفاء الأنوار وتوجيه الجهاز إلى أعلى والتمتع بصور واضحة ساطعة على السقف.

* أجهزة عرض جديدة

* الآن نحن في عام 2010 وقد حان الوقت للموجة الثانية من أجهزة عرض «بيكو». وهناك اتجاهان ينبغي مراقبتهما، وهما هواتف جوالة بأجهزة عرض مشيدة داخلها، وأجهزة عرض تستخدم الليزر للمزيد من البريق والوضوح. وفي أميركا كان «إل جي إكسبو» LG Expo الجهاز الأول من الاتجاه الأول، و«أكسا إل1» Aaxa L1 الأول من الاتجاه الثاني. ولا أدري أي مسؤول في شركة «إل جي» كان قد وافق على إطلاق «إكسبو»، لكننا ما زلنا نأمل في نجاح هذه السلعة. فأنا لا أتذكر هاتفا أكثر مدعاة للخيبة والإحباط من هذا الجهاز. فهو من المفترض أن يكون هاتفا مخصصا للأعمال كالذي يعمل على نظام «ويندوز موبايل 6.5». أما داخله فهو آلة جميلة الشكل بسعر 200 دولار، مع عقد مع شركة «إي تي آند تي»، ولوحة مفاتيح يمكن زلقها إلى الخارج وتعمل بالإبهام، و«بلوتوث»، و«واي - فاي»، و«جي بي إس»، وكاميرا بتركيز بؤري أوتوماتيكي خمس ميغابيكسلات تعمل مع مستندات «مايكروسوفت أوفيس».

لكن لسوء الحظ فإن هذا الهاتف الجميل مقيد بشاشة ثقيلة تعمل باللمس ذات سلوك شاذ أحيانا. فإذا ما حاولت مثلا لف أو كر لائحة ما نزولا عن طريق جر إصبعك على زجاجها لا يتحرك شيء. وقد يحتاج الأمر إلى تكرار ذلك ثلاث أو أربع أو خمس مرات. هنا قد يتوجب عليك الضغط أكثر بإصبعك فتتحرك اللائحة. لكن ما إن ترفع إصبعك حتى يعود الأمر إلى ما كان عليه سابقا.

ومثل هذا الإحباط يتضاعف مع تصميم البرنامج. فالكثير من عناصر الشاشة هي من الصغر بحيث لا يمكن النقر عليها بإصبعك. والذي فعلته «إل جي» هو أنها وفرت لك قلما إلكترونيا، كما لو أننا ما زلنا في عام 1996! والأسوأ من ذلك أنه لا يوجد مكان للاحتفاظ بهذا القلم. لا قناة صغيرة لإدخاله فيها، ولا جيب صغير، أو ما شابه، كما في أيام «بالم بايلوت» القديمة. وهذا يعني أنك ستفقد هذا القلم خلال ثلاثة أيام على الأكثر. غير أن ذلك لا يهم، لأنك خلال ذلك تكون قد قذفت بالجهاز من النافذة.

وهناك قارئة لبصمات الأصابع تحت الشاشة خاصة بـ«الأمن بواسطة القياسات البيولوجية»، لكن كتيب الإرشادات والتعليمات لا يأتي على ذكرها. ولكن يمكن تحريك أصابعك عليها لكر الشاشة وتحريكها إلى أسفل وأعلى. ولكن حتى هذه لا تعمل جيدا. فإن ضغطت عليها بخفة لا تسجل شيئا. وأن ضغطت عليه بقوة تنتهي كما لو أنك تنقر عليها لتشغيل وظيفة لم تطلبها. ولكن كل ذلك لا يهم، المهم أن هذه الآلة مزودة بجهاز عرض مبيت فيها. إلا أن الواقع هو إنه ليس مبيتا فيها بتاتا، بل هو عبارة عن أداة ملحقة بسعر 180 دولارا. إذ تقوم بنزع غطاء مكان احتواء البطارية، لتضع مكانه جهاز العرض الذي هو عبارة عن كتلة مربعة بحجم قطعة الحلوى الصغيرة.

ويظهر إعلان كئيب يملأ الشاشة برمتها يقول: «يمكن تغيير ترتيب الشاشة عن طريق الضغط على زر الكاميرا في أي وقت. وإذا كان جهاز العرض (بيكو) عاملا، لا يمكن دعم عمل الكاميرا». كل ذلك بلغة إنجليزية ركيكة. ويمكن عرض كل ما هو موجود على شاشة الهاتف من بريد إلكتروني، ولائحة التشغيل، ورقعة طلب أرقام الهاتف، والأفلام السينمائية، والصور، وشرائح بيانات «باور بوينت».

وتبلغ قوة خرج جهاز العرض خمس شمعات فقط. وهذا هو نصف درجة السطوع لأجهزة «بيكو» الحالية، وجزء من قوة 2000 شمعة الخاص بجهاز العرض الخاص بغرف الاجتماعات. ومع ذلك ففي الغرف المظلمة، يكفي هذا لتكوين صورة بقياس أربعة أقدام على الجدار إذا ما استطعت الابتعاد مع الجهاز بالقدر الكافي. ولكن لا تستطيع ذلك. والسبب أنه مهما فعلت مع المفتاح الزلاق الخاص بتركيز البؤرة، فإن الصورة لا تعتدل بؤرتها إذا ما تراجعت إلى الوراء أكثر من ياردة واحدة. لذلك فإن أقصى وضوح للصورة هو نحو 30 بوصة أفقيا.

وفي آسيا لا تحتاج إلى أجهزة عرض يجري وصلها بالهاتف، إذ توجد هناك أجهزة من قطعة واحدة تجمع بين الاثنين.

* أجهزة مشجعة

* أما الجزء الآخر من أخبار «بيكو» فهي سارّة. فجهاز «إل1» من «أكسا» الذي يبدو مثل هاتف جوال سميك هو الأول من أجهزة العرض «بيكو» الذي يتضمن «ليزرا» بالألوان الحمراء والخضراء والزرقاء، بدلا من مصابيح الصمام الثنائي الباعث للضوء (إل إي دي) والمصابيح العادية. ومثل هذه الأجهزة الليزرية تقدم ثلاث ميزات إضافية على منافساتها. الأولى سطوع أفضل (20 شمعة بدلا من 10). الثانية ألوان مشبعة أكثر، مع مجال أوسع من تدرج الألوان لتبدو الصور والفيديوهات أكثر روعة. المزية الثالثة أن ضوء الليزر أكثر تركيزا بغض النظر عن المسافة، حتى لو كانت الشاشة كروية أو متماوجة.
وبسعر 600 دولار، فإن سعر «أكسا» هو ضعف أسعار منافسيه، مما يعني توفير ضعف درجة التسلية والترفيه، والفائدة أيضا. ومثال على ذلك أن صورة «أكسا» لها تحديد ووضوح أفضل، 800 × 600 بيكسل بدلا من 640 × 480 بيكسل التي كانت تتميز بها أجهزة العرض الأولى. كما أن مكبرات الصوت فيها أقوى وأعلى.

والأهم من ذلك كله أنه يمكن لهذا الجهاز العرض من أي مصدر، من الفيديوهات التي مصدرها الكابلات، ومن مشغلات «دي في دي»، أو التلفزيون التفاعلي TiVo، أو من كاميرا ومسجلة الفيديو «كامكوردر». ويتيح كابل VGA عرض الصور من اللابتوب، أو الكومبيوتر. وتقول «أكسا» إن كابلا خاصا بـ«آي بود/آي فون» سيتوفر قريبا. كما يمكن وصل مشغل ذاكرة «يو إس بي فلاش» المليئة بالموسيقى والأفلام، وحتى ملفات «وورد»، و«بي دي إف»، و«باور بوينت».

لكن على هذا الجهاز مآخذ، منها أن «إل1» لا يتعرف إلا على بعض صيغ الأفلام المحددة، وتحويل هذه الأفلام إلى صيغ أخرى كي يتعرف عليها مشكلة في حد ذاتها. كما يمكن توقع بعض التعقيدات لوصل اللابتوب به كوصل الكابل ثانية وتغيير تحديد شاشة اللابتوب. كذلك فإن برنامج جهاز العرض هذا ليس مبسطا، إذ يتوجب عليك أن تضغط على أزرار مضاءة للوصول إلى سلسة من الأوامر والملفات.

وأخيرا إذا كانت صور «إل1» كبيرة وبرّاقة، فإنها لا تزال في أطوارها الأولى، أي متأججة. فإذا اقتربت من الصورة بدت كما لو أنها معروضة على شاشة سينمائية مصنوعة من الخرز الزجاجي. وتصفها الشركة الصانعة بـ«التبقع» الذي هو كما تقول نتيجة التفاعل بين ثلاثة أنواع من الليزر. وهي تنوي تقليص أبعاد هذه المشكلة مستقبلا في الطرازات المقبلة.

وأخيرا أيضا فإن كلا نوعَي منتجات «بيكو» الجديدة جرى طرحهما في موعدهما تماما. وهما لا يزالان قيد التطوير أيضا، لكن الأمر المؤكد هو أن لأجهزة العرض هذه مستقبلا مشرقا جدا.

* خدمة «نيويورك تايمز»