استرجاع كلمة المرور طلب كود تفعيل العضوية تفعيل العضوية قوانين المنتدى
العودة   منتدى نوكيا كافيه > المنتديات العامة > المنتدي الإسلامي > قسم الرسول صلى الله عليه وسلم

اعلانات

قسم الرسول صلى الله عليه وسلم للدفاع عن رسولنا الكريم ويهتم بعرض تاريخ الرسول

التسجيل السريع مُتاح
عزيزي الزائر . وفي حال رغبتم بالإنضمام إلى أسرتنا في المنتدى ينبغي عليكم ،التسجيل!

اسم المستخدم: كلمة المرور: تأكيد كلمة المرور: البريد الالكتروني: تأكيد البريد:
موافق على شروط المنتدى 


رحمة الحبيب بالمسنين كيف كانت

للدفاع عن رسولنا الكريم ويهتم بعرض تاريخ الرسول



  انشر الموضوع
إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-14-2012, 04:19 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فضي
الرتبة


البيانات
التسجيل: May 2012
العضوية: 32129
المشاركات: 459 [+]
بمعدل : 0.11 يوميا
اخر زياره : 11-04-2023 [+]
معدل التقييم: 12
نقاط التقييم: 10
مريم وسام is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
مريم وسام غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : قسم الرسول صلى الله عليه وسلم
يشهد العالم في السنوات الأخيرة اهتمامًا ملحوظًا بالمسنين، وقد شهد المجتمع الدولي أكثر من فعالية دولية، من مؤتمرات وندوات عالمية، لتناول قضايا المسنين، وشهد عام 1982 أول إشارة من العالم المتحضر لرعاية المسنين، حيث أعلنت الأمم المتحدة، في اجتماع لمندوبي 124 دولة، أن العقد التاسع من القرن العشرين عقد المسنين، ورفعت منظمة الصحة العالمية عام 1983 شعار "فلنضف الحياة إلى سنين العمر"، وقد تبنى مؤتمر الأمم المتحدة الذي انعقد في مدريد عام 2002 خطة عمل لمعالجة مشاكل المسنين في مختلف بلدان العالم..

والحق أن هذه المؤتمرات كانت شبيهة بالملتقيات الفكرية النظرية، فلم يطبق لها قرارًا، ولم تُفعل لها خطة!
وكان الأولى لهذه الفعاليات والمؤتمرات أن تقرأ في منهج نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم، وتتعلم كيف رسم المنهج العملي في رعاية المسنين.
ولقد كان نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم سبّاقًا في هذا الميدان، ومرجعًا مهمًّا في هذا المضمار، ينبغي أن يُؤخذ به، لكل فعالية أو نشاط يهدف إلى رعاية المسنين.
وينطلق منهج رعاية المسنين -في الإسلام- من منطلق إنساني سامق، بعيدًا عن التمييز بين فئات المسنين على أساس الجنس أو اللون أو الدين. فالإسلام لا يقرر قواعد الرعاية للمسنين من منطلق عنصري أو عرقي كما هو الحال في بعض دول العالم "المتحضر" في الوقت الراهن.

فيا ليت هذا العالم "المتحضر" ينظر إلى منهج نبي الإسلام مع المسنين، كل المسنين، البيض والسود، العرب وغير العرب، المسلمين وغير المسلمين!

وإليكم بعض تعاليمه صلى الله عليه وسلم في رعاية المسنين..

أولاً: مناشدة الشباب لإكرام المسنين:
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخًا لِسِنِّهِ إِلَّا قَيَّضَ اللَّهُ لَهُ مَنْ يُكْرِمُهُ عِنْدَ سِنِّهِ"([1]).

وهكذا أوصى شباب المجتمع بشيوخه، وشباب اليوم هم شيوخ الغد، وتبقى الوصية المحمدية متواصلة ومتلاحقة مع حقب الزمن، توصي الأجيال بعضها ببعض، وفيه بشارة بطول العمر وبالقرين الصالح الذي يكرم من أكرم شيخًا، والجزاء من جنس العمل.

وانظر إلى هذا التعميم: "مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخًا لِسِنِّهِ".. أي شيخ مسن، مهما كان لونه، ومهما كان دينه، فالمسلم مطالب بإكرام المسن دون النظر إلى عقيدته أو بلده أو لونه... كما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده، لا يضع الله رحمته إلا على رحيم"، قالوا يا رسول الله: كلنا يرحم، قال: "ليس برحمة أحدكم صاحبه.. يرحم الناس كافة"([2]).. فالمسلم يرحم الناس كافة، والأطفال كافة، والمسنين كافة، بعجرهم وبجرهم، مسلمهم وغير مسلمهم.

ثانيًا: إكرام المسن من إجلال الله:
فعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه أن رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ مِنْ إِجْلالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ"([3]).

فجعل إكرام المسنين من إجلال الله.. وربَط بين توقير الخالق وتوقير المخلوق، وإجلال القوي سبحانه وإجلال المسن الضعيف، وذكر علامة، يُكرم بها صاحبها، هي الشيب، فكان حقًّا على كل من رأى هذه العلامة في إنسان أن يكرمه ويجله.

ثم انظر كيف جمع بين المسن وحامل القرآن والسلطان، وقدّم المسن، كأنه يقول لك وقِّرْ المسن كما توقر السلطان والرئيس والحاكم، وعظِّم المسن كما تعظم حامل القرآن الحاذق.

وتحت لفظ "إكرام ذي الشيبة المسلم"، تأتي كل صور الرعاية والإكرام للمسنين، كالرعاية الصحية، والرعاية النفسية، والرعاية الاجتماعية والاقتصادية، ومحو الأمية، والتعليم والتثقيف، وغيرها من صور العناية التي ينادي بها المجتمع الدولي الآن.

ثالثًا: ليس من المسلمين من لا يوقر المسن:
فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: أن رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا ويُوَقِّرْ كَبِيرَنَا"([4]).
فجعل من الذين لا يوقرون الكبراء والمسنين عناصر شاذة في مجتمع المسلمين، بل تبرأ منهم! إذ ليس من المسلمين من لا يحترم كبيرهم، وليس من المجتمع من لم يوقر مشايخه وأكابره من المسنين. ولنتأمل لفظة النبي "يوقر كبيرنا"، ولم يقل "يوقر الكبير"؛ ليقرر أن الاعتداء على الكبير بالقول أو الفعل أو الإشارة هو اعتداء على جناب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نسب المسن إليه وانتسب إليه، بقوله.. "كبيرنا".

رابعًا: تسليم الصغير على الكبير:
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ، وَالْمَارُّ عَلَى الْقَاعِدِ، وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ"([5]).

فقرر النماذج العملية البسيطة، فيما يتعلق بجوانب الذوقيات الاجتماعية العامة، وبدأ بأهم هذه المظاهر الأخلاقية والذوقية، وهو مظهر توقير الكبير واحترام المسن، فهو البند الأول في "الإتيكيت الإسلامي".. ولما كان الصغير هو المبادر في مثل هذه الأحوال، كان عليه فيما دون ذلك، فيبدأ بالمساعدة، ويبدأ بالملاطفة، ويبدأ بالزيارة، ويبدأ بالنصيحة، ويبدأ بالاتصال... إلخ.

خامسًا: تقديم المسن في وجوه الإكرام عامة:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أمرني جبريل أن أقدم الأكابر" ( ([6]..
وهذه قاعدة عامة في تقديم الكبير والمسن في وجوه الإكرام والتشريف عامة..
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُبدأ الكبير بتقديم الشراب ونحوه للأكابر.. فقال: "ابدءوا بالكبراء -أو قال- بالأكابر" ([7])
ولقد مارس هذا الخلق عمليًّا، فتقول عائشة: "كان صلى الله عليه وسلم يستن وعنده رجلان، فأُوحي إليه: أن أعط السواك أكبرهما!" ([8])..
وعن عبد الله بن كعب: "كان صلى الله عليه وسلم إذا استن أعطى السواك الأكبر، وإذا شرب أعطى الذي عن يمينه"([9]).
قال ابن بطال: فيه تقديم ذي السن في السواك، و يلتحق به الطعام والشراب والمشي والكلام ([10])، ومن ثَم كل وجوه الإكرام.

كما أمر صلى الله عليه وسلم بتقديم المسن في الإمامة:
ففي الصحيح من حديث مالك بْنِ الْحُوَيْرِثِ أن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ".. فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ"([11]).
وهو لا يتعارض مع تصريح النبي صلى الله عليه وسلم بتقديم الأحفظ لكتاب الله.
وجد جمع بينهما في حديث أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ حين قَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ وَأَقْدَمُهُمْ قِرَاءَة،ً فَإِنْ كَانَتْ قِرَاءَتُهُمْ سَوَاءً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ سِنًّا..." ([12]).

كما أن الكبير -في الهدي النبوي- أحق بالمبادأة في الكلام، والحوار، فعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَسَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ أَتَيَا خَيْبَرَ فَتَفَرَّقَا فِي النَّخْل،ِ فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَحُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَتَكَلَّمُوا فِي أَمْرِ صَاحِبِهِم،ْ فَبَدَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَكَانَ أَصْغَرَ الْقَوْمِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:
"كَبِّرْ الْكُبْرَ"..
قَالَ يَحْيَى يَعْنِي لِيَلِيَ الْكَلَامَ الْأَكْبَرُ.. الحديث ( ([13]

سادسًا: التخفيف عن المسنين في الأحكام الشرعية:
فالأحكام الشرعية في الإسلام دائمًا تأخذ في الاعتبار مبدأ التخفيف عن صاحب الحرج، كالمسن.. نرى ذلك بوضوح في جل التشريعات الإسلامية.. فقد خفف الشرع عن المسن في الكفارات والفرائض والواجبات..

أما التخفيف عن المسن في الكفارات، فقصة المجادلة (خولة بنت ثعلبة) -في القرآن- خير دليل، عندما وقع زوجها (أوس بن الصامت) -وهو الشيخ المسن- في جريمة الظهار، ونزل الحكم الشرعي العام: "وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (4)" [المجادلة: 3، 4]..

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخولة المجادلة: "مُريه فليعتق رقبة"، فسألت التخفيف عن زوجها. فقال: "فليصم شهرين متتابعين". فقالت: والله إنه شيخ كبير، ما به من صيام. قال: "فليطعم ستين مسكينًا وسقًا من تَمر". فقلت: يا رسول الله، ما ذاك عنده! فقال نبي الرحمة: "فإنا سنعينه بعَرَقٍ من تمر"! ولم ينس الرسول الجليل والأب الرحيم أن يوصي المرأة الشابة بزوجها الشيخ فقال: "استوصي بابن عمك خيرًا"([14]).

وفي الفرائض: أجاز للمسن أن يفطر في نهار رمضان -ويطعم- إذا شق عليه الصيام، وأن يصلي جالسًا إذا شق عليه القيام، وأن يصلي راقدًا إذا شق عليه الجلوس.. وهكذا...
ولقد عنّف الرسول صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل، ذات يوم، لما صلّى إمامًا فأطال فشق على المأموم، قائلاً:
"يَا مُعَاذُ! أَفَتَّانٌ أَنْتَ! [ ثَلَاثَ مِرَارٍ]! فَلَوْلَا صَلَّيْتَ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَرَاءَكَ الْكَبِيرُ وَالضَّعِيفُ وَذُو الْحَاجَةِ!"([15])
ورخص للمسن أن يرسل من يحج عنه إن لم يستطع أن يمتطى وسيلة النقل. فعَنْ الْفَضْلِ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ عَلَيْهِ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الْحَجِّ، وَهُوَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى ظَهْرِ بَعِيرِهِ، فَقَالَ لها النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "فَحُجِّي عَنْهُ" ([16]).

سابعًا: تجنيب المسنين ويلات الحروب ومنع قتلهم
وفي إشارة أخرى إلى أساس أخلاقي آخر من أسس الشريعة السمحاء كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه وقائدي الجيش: "انطلقوا باسم الله، وبالله، وعلى ملة رسول الله. لا تقتلوا شيخًا فانيًا، ولا طفلاً ولا صغيرًا، ولا امرأة. ولا تغلوا، ، وأصلحوا وأحسنوا، فإن الله يحب المحسنين". وهذا أمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدم التعرض لكبار السن والنساء والأطفال باعتبارهم غير محاربين، ولا يقوون على حمل السلاح، فاعتبرهم من غير المشمولين بالحرب والقتل.. وهذا ما وصلت إليه الاتفاقيات الدولية وخاصة اتفاقية جنيف لحماية المدنيين في 12 أغسطس 1949 وهو كسابقه أصبح -حبرًا على ورق- لما نراه اليوم من تعرض المدنيين شيوخًا ونساءً وأطفالاً إلى القتل والدمار وبكافة أنواع الأسلحة، وحتى المحرمة دوليًّا، كالأسلحة السمية، كيماوية وبيولوجية، ناهيك عن أسلحة الدمار الشامل.. فتراهم من جهة يصرحون باتفاق معين لخدمة البشرية والسلام، ومن جهة أخرى يتغاضون عن أفعالهم أو أفعال بعضهم في تدمير المجتمعات بوسائل أكثر وحشية.

نماذج رحمته صلى الله عليه وسلم للمسنين:

وهذه نماذج عملية من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، تبين كيف كان تعامله مع المسنين.. فنراه ينصت لشيخ مشرك بكل ذوق وأدب، ويسعى لفك أسر شيخ كبير أسرته قريش، ويتنازل عن بعض حقوقه لإطلاق هذا الأسير، ونراه يكرم المسن ويتلطف معه ويأمر بتغيير هيئته إلى هيئة حسنة طيبة.

أولاً: إنصاته لعتبة وتلطفه معه:
جاء عتبة بن ربيعة -أحد شيوخ المشركين أيام مكة- يتحدث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، بحديث طويل يريد أن يثنيه عن دعوته، وكان من بين ما قال:

أنت خير أم عبد الله؟ أنت خير أم عبد المطلب؟ فسكت النبي، تأدبًا وإعراضًا عن الجاهلين!

فواصل عتبة قائلاً: إن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك فقد عبدوا الآلهة التي عبت، وإن كنت تزعم أنك خير منهم فقل يسمع لقولك، لقد أفضحتنا في العرب حتى طار فيهم أن في قريش ساحرًا، وأن في قريش كاهنًا، ما تريد إلا أن يقوم بعضنا لبعض بالسيوف حتى نتفانى ([17])..

فلما عاين عتبةُ هذا الأدب الجم من رسول الله، خفف من حدة الحديث، وقال: يا ابن أخي.. إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت تريد به شرفًا سودناك علينا حتى لا نقطع أمرًا دونك، وإن كنت تريد به ملكًا ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيًا [يعني جنون أو مس] تراه لا تستطيع رده عن نفسك؛ طلبنا لك الطب وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يتداوى منه.

وما زال عتبة يتحدث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، بهذا الحديث الذي لا يخلوا من التعريض أو من التجريح، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في إنصات واستماع بكل احترام للشيخ..
حتى إذا فرغ عتبة، قال له النبي صلى الله عليه وسلم -في أدب ورفق-: "أفرغت يا أبا الوليد؟" قال: نعم.
قال: "اسمع مني".
قال: افعل.
فقرأ عليه النبي أول سورة فصلت ([18]).

ثانيًا: سعيه لفك أسر شيخ كبير:

فلما أُسر عمرو بن أبي سفيان بن حرب، في معركة بدر، ووقع أسيرًا في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل لأبي سفيان: افدِ عمرًا ابنك! قال: أيجمع علي دمي ومالي، قتلوا حنظلة وأفدي عمرًا، دعوه في أيديهم يمسكوه ما بدا لهم.

فبينا هو كذلك محبوس بالمدينة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ خرج شيخ كبير مسلم إلى مكة لأداء العمرة، وكان اسمه سعد بن النعمان بن أكال -أخو بني عمرو بن عوف- فخرج معتمرًا، رغم أن الظروف السياسية عصيبة، لا سيما بعد بدر.. ولم يظن أنه يحبس بمكة، وقد كان عهد أن قريشًا لا يعرضون لأحد جاء حاجًّا أو معتمرًا إلا بخير، فعدا عليه أبو سفيان بن حرب بمكة، فحبسه بابنه عمرو..

ومشى بنو عمرو بن عوف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروا خبره، وسألوه أن يعطيهم عمرو بن أبي سفيان، فيفكوا به الشيخ، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأفرج عن ابن أبي سفيان على الفور، دون فداء، فبعثوا به إلى أبي سفيان فخلى سبيل الشيخ ([19]).

ثالثًا: رفقه بأبي قحافة وتوقيره له:
لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فاتحًا (في رمضان 8هـ/ يناير 630م)، ودخل المسجد الحرام، أتى أبو بكر بأبيه يقوده إلى حضرة النبي صلى الله عليه وسلم، ليبايع ويسلم. فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صاحب الخلق العظيم:
"هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه؟!"
قال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله، هو أحق أن يمشى إليك من أن تمشى أنت إليه!!
فأجلسه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بين يديه، وأكرمه، ثم مسح على صدره، ثم قال: "أسلم" فأسلم.
ودخل به أبو بكر وكان رأسه كالثغامة [20] بياضًا من شدة الشيب.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم -في تلطف جم وذوق رفيع-: "غيّروا هذا من شعره!"([21]).

وإذا كان الشرع الإسلامي السمح قد أخذ على كاهله مهمة الرعاية للمسنين، والتخفيف عن المسن، كما رأيت، كان على القوانين والدساتير في المجتمعات والدول أن تحذو هذا الحذو، وأن ترتشف من نبع هذا النهج، فلا قيمة لدساتير أو قوانين لا تتكفل بحقوق المسنين ورعايتهم، وهل تنصر المجتمعات والشعوب إلا بضعفائهم ومشايخهم؟!

وأخيرًا، يمكن أن نجمل الهدي النبوي في التعامل مع المسنين في عدة نقاط هي:
1- مسئولية المجتمع بكامله -خاصة الشباب- عن شيوخه ومسنيه، علمًا بأن رعاية المسنين واجب عيني على الأنظمة والحكومات والشعوب. ويتمدد الواجب إلى حشد الجهود الفردية والجماعية والرسمية وغير الرسمية لرعاية المسنين.
2- الرعاية الكاملة والشاملة للمسن، صحيًّا ونفسيًّا وعقليًّا واجتماعيًّا، وغيرها من صور العناية، وقد جمعها اللفظ النبوي في جملة "إكرام ذي الشيبة"..
3- توقير المسنين في المعاملات الاجتماعية اليومية المختلفة.
4- تقديم المسنين في وجوه الإكرام عامة، كالإمامة والطعام والشراب.
5- التخفيف عن المسنين في الأحكام الشرعية، ومراعاة الفتوى الشرعية لهم.









عرض البوم صور مريم وسام   رد مع اقتباس
قديم 11-24-2012, 06:17 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو ذهبي
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية ريتاج احمد


البيانات
التسجيل: Oct 2009
العضوية: 16095
المشاركات: 861 [+]
بمعدل : 0.16 يوميا
اخر زياره : 02-01-2023 [+]
معدل التقييم: 15
نقاط التقييم: 10
ريتاج احمد is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
ريتاج احمد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : مريم وسام المنتدى : قسم الرسول صلى الله عليه وسلم

اغلفة فيس بوك

جزاك الله خيرا









عرض البوم صور ريتاج احمد   رد مع اقتباس
قديم 11-25-2012, 10:44 AM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو ذهبي
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية كنج بيروت


البيانات
التسجيل: Apr 2012
العضوية: 32107
المشاركات: 545 [+]
بمعدل : 0.12 يوميا
اخر زياره : 01-08-2024 [+]
معدل التقييم: 12
نقاط التقييم: 10
كنج بيروت is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
كنج بيروت غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : مريم وسام المنتدى : قسم الرسول صلى الله عليه وسلم

اغلفة فيس بوك

تسلم يمينك يالغلا
دمتي وادم عطائك
ننتظر جديدك
كل الود









عرض البوم صور كنج بيروت   رد مع اقتباس
قديم 04-29-2013, 01:31 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو ذهبي
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية بطل غزة


البيانات
التسجيل: Apr 2010
العضوية: 25181
المشاركات: 504 [+]
بمعدل : 0.10 يوميا
اخر زياره : 12-05-2022 [+]
معدل التقييم: 14
نقاط التقييم: 10
بطل غزة is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
بطل غزة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : مريم وسام المنتدى : قسم الرسول صلى الله عليه وسلم

اغلفة فيس بوك

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة









عرض البوم صور بطل غزة   رد مع اقتباس
قديم 03-15-2016, 07:45 AM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
المديرة التنفيذية - الادارة العليا للشبكة
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية حنين الاشواق


البيانات
التسجيل: Sep 2009
العضوية: 14527
المشاركات: 2,060 [+]
بمعدل : 0.39 يوميا
اخر زياره : اليوم [+]
معدل التقييم: 17
نقاط التقييم: 10
حنين الاشواق is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
حنين الاشواق متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : مريم وسام المنتدى : قسم الرسول صلى الله عليه وسلم

اغلفة فيس بوك

يعطيك الف الف عافيه

موضوع رااائع

وجهود أروع

ننتظر مزيدكم

بشوووق









عرض البوم صور حنين الاشواق   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الحبيب, بالمسنين, رحمة, كانت, كيف

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التوبة- كيف أتوب! اميرة السعادة المنتدي الإسلامي 5 05-28-2012 08:33 AM
إن لله مئة رحمة فراشة المنتدى المنتدي الإسلامي 3 12-17-2009 01:47 PM
الفرق بين الحبيب والخاطب والمتزوج :) حنين الاشواق المنتدي العام 1 11-02-2009 07:22 AM
اسلامنا يدعو للتكافل والرحمه ريتاج احمد المنتدي الإسلامي 3 10-13-2009 03:19 AM
ليس دائما ً: تقول أمي الحقيقة !!.. semo fayez أخبار علي مدار الساعة 2 09-27-2009 07:25 PM


الساعة الآن 10:53 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. By Mohamed Mohtrf