تتابع الأيام، ومرور الشهور والأعوام، يأتي حادث هجرة الرسول
تتابع الأيام، ومرور الشهور والأعوام، يأتي حادث هجرة الرسول
من مكة المكرَّمة إلى المدينة المنورة ليذكرنا دائمًا بمجموعة من الدروس والعبر غاية في الأهمية، وقد أبدع العلماءُ والكتّابُ قديمًا وحديثًا في استخراج هذه الدروس وتلك العبر.ولا أدَّعي أنني قرأت كلَّ ما كتبه سادتنا وعلماؤنا حول هذا الحدث العظيم والجليل، وإنما قبسًا منه، ورأيتُ مما أفاض الله به عليهم من نور الحكمة ودقة الفهم ما تقرُّ به العين ويسعد به القلب. ولكني أردت أن أقف على ملمحٍ مهم للغاية -وقد عالجه العلماء بتوسع أيضًا- غير أني أردت أن أربطه بواقع كلٍّ منا، ألا وهو الهجرة والتخطيط لعام جديد.
ورغم أن خطة الرسول للهجرة وما بعدها، لم تكن خطة عام واحد، وإنما كانت لمرحلة كاملة من الدعوة إلى الله ، ولم تكن لفرد واحد أو أسرة واحدة أو قبيلة بمفردها، وإنما كانت لأمة ممتدة زمانًا ومكانًا -رغم هذا كله- إلا أننا نعرض هنا إمكانية أن كلاًّ منَّا يستطيع أن يضع خطة لنفسه وأسرته وعائلته بل وأمَّته أيضًا. سؤال وسؤال !
إن السؤال الذي يطرح نفسه كل يوم، بل كل ساعة هو ماذا أفعل خلال هذه الساعة أو هذا اليوم؟ ويزاد الأمر إلحاحًا مع مرور الشهور تباعًا، ويبلغ الأمر ذروته مع قرب انتهاء العام وبداية عام جديد، قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً} [الإسراء: 12].
فماذا ستفعل خلال عام قادم ؟!
إن هذا السؤال يقودنا إلى سؤال أصعب منه، وهو ماذا فعلت خلال عام بل أعوامٍ مضت؟!
لا شك أن البعض أحسنَ، ولا شك أيضًا أن الكثير نادم لشعوره أنه لم يحسن، وأن الأمور كانت لتسير بشكل أفضل لو أحسن التخطيط لها.
وحتى لا ندور في فلك ما مضى، دعونا نبدأ معًا صفحاتٍ بيضاء نقية صافية، وحتى تكون تلك الصفحات ناصعة البياض دعونا نملأ سطورها الأولى بالاستغفار وحسن التوجُّه إلى الله أن يوفقنا إلى تدبُّر أمرنا، وأن يصلح حالنا.
نقاط خطتنا عشر فأتقنوها !!
مذ كنت في الثانوية، ومع بداية كل عام هجري أو ميلادي بل ومع تاريخ ميلادي الهجري والميلادي أيضًا، كنت مع كل مناسبة من هذه المناسبات أحاول وضع خطة للعام اللاحق لكلٍّ منها، وكانت الخطة تخرج بسيطة لكنها كانت تعبر عن حاجاتي وما أريده في تلك المرحلة، وأذكر من بنود تلك الخطط متابعة مجلات كذا وكذا (إسلامية شهرية)، وشراء كتب كذا وكذا (ثقافية عامة)، وتوفير بعض المصروف اليومي لتنفيذ عناصر الخطط.